الاثنين، 29 يوليو 2013

هارون الرشيد وجارية أبيه

أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك قال:" لما أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي (أبيه) فراودها عن نفسها فقالت "لا أصلح لك فإن أباك قد طاف بي" فشغف بها فأرسل إلى أبي يوسف القاضي (تلميذ أبي حنيفة) فسأله: أعندك في هذا شيء؟ فقال: يا أمير المؤمنين أو كلما ادّعت أمة شيئًا ينبغي أن تصدق لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة.

قال ابن المبارك: "فلم أدر من أعجب من هذا الذي وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتخرج عن حرقة أبيه أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أمير المؤمنين أو من هذا فقيه الأمة وقاضيها قال اهتك حرمة أبيك واقض شهوتك وصيره في رقبتي".

وأخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن إسحاق بن راهويه قال: "دعا الرشيد أبا يوسف ليلا فأفتاه في شأن جارية، فأمر له بمائة ألف درهم، فقال أبو يوسف إن رأى أمير المؤمنين أمر بتعجيلها قبل الصبح فقال عجلوها، فقال بعض من عنده: إن الخازن في بيته والأبواب مغلقة، فقال أبو يوسف: قد كانت الأبواب مغلقة حين دعاني ففتحت".

كل هذه الأخبار كاذبة لا أصل لها, وكتاب الطيوريات للسلفي من الكتب المحشوة بالأكاذيب والأباطيل عن بني العباس وخلافتهم لحاجة في نفس مؤلفه الذي نشأ في ظل الدولة العبيدية الباطنية، بمصر، وأخبار هارون الرشيد كثيرة وشهيرة، ويكفيه ثناء أهل العلم عليه وتمني رجل مثل الفضيل بن عياض أن يمد الله في عمر الرشيد للخير الذي يرجوه من حياته.

أما القاضي أبو يوسف فقيه الأمة ومفتيها فأجلّ وأعلى شأنًا من أن يكون كعلماء السوء في زماننا هذا الذين هم مرتزقة الحكام والسلاطين كما يشبهه السلفي في طيورياته الواهية.
  
ويكفي لإبطال هذه الروايات الكاذبة موقف أبي يوسف من كتاب العهد والأمان الذي كان بين هارون الرشيد وإدريس الطالبي، والذي حاول فيه الرشيد أن يجد سببًا لنقضه عندما تخوف من إدريس، ولكن أبا يوسف رفض أن يعطي المبرر الشرعي للنقض لعدم وجوده، مما حدا بالرشيد أن يعزله من منصبه ويعين رجلًا آخر في منصب القضاء مما يوضح حال هذا الرجل الذي ضحى بمنصبه ولم يضح بدينه وفقهه في تبرير الأمور الخاطئة.

من هو هارون الرشيد.. أمير المؤمنين؟
هو هارون الرشيد أمير المؤمنين، ابن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو محمد، ويقال: أبو جعفر. وأمه الخيزران أم ولد.

وكان مولده في شوال سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وأربعين ومائة. وقيل: إنه ولد سنة خمسين ومائة، وبويع له بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادي في ربيع الأول سنة سبعين ومائة، بعهد من أبيه المهدي.

روى الحديث عن أبيه وجده، وحدث عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا النار، ولو بشق تمرة أورده وهو على المنبر، وهو يخطب الناس. وقد حدث عنه ابنه، وسليمان الهاشمي، والد إسحاق، ونباتة بن عمرو.

وقد غزا الصائفة في حياة أبيه مرارا، وعقد الهدنة بين المسلمين والروم بعد محاصرته القسطنطينية وقد لقي المسلمون من ذلك جهدا جهيدا، وخوفا شديدا، وكان الصلح مع امرأة أليون، وهي الملقبة بأغسطة على حمل كثير تبذله للمسلمين في كل عام، ففرح المسلمون في المشارق والمغارب.

فهذا هو الذي حدا أباه على أن بايع له بولاية العهد بعد أخيه موسى الهادي وذلك في سنة ست وستين ومائة. ثم لما أفضت الخلافة إليه بعد أخيه في سنة سبعين ومائة، كان من أحسن الناس سيرة، وأكثرهم غزوا وحجًّا بنفسه.

وكان يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم، وإذا حج أحج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج ثلاثمائة بالنفقة السابغة، والكسوة التامة، وكان يحب التشبه بجده أبي جعفر المنصور إلا في العطاء، فإنه كان سريع العطاء جزيله.
  
وكان يحب الفقهاء، والشعراء، ويعطيهم كثيرا، ولا يضيع لديه بر ولا معروف، وكان نقش خاتمه: لا إله إلا الله. وكان يصلي في كل يوم مائة ركعة تطوعا، إلى أن فارق الدنيا، إلا أن تعرض له علة.

وقد استدعى إليه أبا معاوية الضرير محمد بن خازم ليسمع منه الحديث، قال أبو معاوية: ما ذكرت عنده في حديث رسول الله إلا قال: صلى الله وسلم على سيدي. وإذا سمع حديثا فيه موعظة يبكي حتى يبل الثرى. وأكلت عنده يوما ثم قمت لأغسل يدي فصب الماء علي، وأنا لا أراه، ثم قال: يا أبا معاوية، أتدري من يصب عليك؟ قلت: لا. قال: أنا. فدعا له أبو معاوية الضرير، فقال: إنما أردت تعظيم العلم.

وقال له ابن السماك أو غيره: يا أمير المؤمنين، إن الله لم يجعل أحدا من هؤلاء فوقك، فاجتهد ألا يكون فيهم أحد أطوع إلى الله منك. فقال: لئن كنت أقصرتَ في الكلام لقد أبلغت في الموعظة.

ودخل عليه ابن السماك يوما فاستسقى الرشيد فأُتي بقلة فيها ماء مبرد، فقال لابن السماك: عظني. فقال: يا أمير المؤمنين، بكم كنت مشتريا هذه الشربة لو مُنعتَها؟ فقال: بنصف ملكي. فقال: اشرب هنيئا. فلما شرب قال: أرأيت لو منعت خروجها من بدنك، بكم كنت تشتري ذلك؟ قال: بملكي كله. فقال: إن ملكا قيمته شربة ماء لخليق أن لا يتنافس فيه؛ فبكى هارون.

وقال له ابن السماك يوما: يا أمير المؤمنين، إنك تموت وحدك، وتقبر وحدك، فاحذر المقام بين يدي الجبار، والوقوف بين الجنة والنار، حين يؤخذ بالكظم، وتزل القدم، ويقع الندم، فلا توبة تنال، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال. فجعل الرشيد يبكي حتى علا صوته، فقال يحيى بن خالد له: يا ابن السماك لقد شققت على أمير المؤمنين الليلة. فقام فخرج من عنده، وهو يبكي.

وقال له الفضيل بن عياض في جملة موعظته تلك الليلة بمكة: يا صبيح الوجه، إنك مسئول عن هؤلاء كلهم، وقد قال الله تعالي: {وتقطعت بهم الأسباب} [البقرة: 166]

وقال الأصمعي: كنت مع الرشيد في الحج، فمررنا بواد، فإذا على شفيره امرأة بين يديها قصعة، وهي تسأل فيها، فذهبت إلى الرشيد فأخبرته بأمرها، فجاء بنفسه حتى وقف عليها، فسمعها فرحمها وبكى، وأمر مسرورا الخادم أن يملأ قصعتها ذهبا، فملأها حتى جعلت تفيض يمينا، وشمالا.

مات بطوس يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، ومدة ولايته للخلافة ثلاث وعشرون سنة، وصلى عليه ابنه صالح، ودفن بقرية من قرى طوس يقال لها سناباذ رحمه الله، وسامحه، وأدخله الجنة.

هذا هو هارون الرشيد الجواد الكريم المؤمن البار الذي لم تغفل عينه عن ربه ولا عن رعيته، أما ما يقوله عليه الزنادقة فهو حسد من عند أنفسهم.

التاريخ الأندلسي .. زهرة التاريخ الإسلامي


لماذا نكتب في التاريخ؟

لأن هذا الكون وكل ما فيه يسير على سُنَنٍ ثابتة لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، وأننا في حاجة لإدراك هذه القوانين؛ كي نتمكَّن من استعمال نِعَمِ الله الكثيرة التي خلقها I وسخَّرها لنا في هذا الكون؛ بل لكي نستطيع أن نحيا الحياة الصحيحة باستيعابنا للتجارب السابقة التي جرت عليها سنن الله في كونه، ذلك أن هذه السنن لا تتغيَّر ولا تتبدَّل ولا تتحوَّل، قال : {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}[فاطر: 43].
إنها قاعدة قرَّرها الله I في كتابه، وجعلها -أيضًا- من سننه الثوابت، التي يمكن للجميع إدراكها واستغلالها؛ ومن أبسط الأمثلة العملية على هذا: أننا نجد أن الماء يغلي عند درجة مائة مئوية، وسيظلُّ يغلي عند هذه الدرجة إلى يوم القيامة، فمن رحمته I أن ثَبَّت لنا هذا الأمر؛ إذ لو كان الماء يغلي اليوم عند درجة ثلاثين -مثلاً- وغدًا عند درجة خمسين، وبعد غدٍ عند سبعين فلن تستقيم حياة الناس، ولن تستقرَّ أمورهم؛ لأن كل يوم مغاير للآخر، وكل شكلٍ فيه تبدُّل وتحوُّل لم يُعهَد من قبل.
كذلك النار؛ تحرق وستظلُّ تحرق إلى يوم القيامة..
صحيح أن ثمة استثناءات لا يُبنى عليها، فتلك النار التي من أهمِّ خصائصها الإحراق لم تحرق إبراهيم ، فهذا استثناء أو هي معجزة، والمؤمن الكيِّس لا ينتظر المعجزات ولا يبني على الاستثناءات، ولا يتخذها قواعد، إنما يبني على القوانين التي يمكنه أن يُدرك بنفسه أنها ثابتة؛ إن أحدًا لا يمكنه أن يضع يده -مثلاً- في النار! ثم يقول: قد يحدث لي مثلما حدث لإبراهيم . فذلك غير جائز، ولا يصحُّ أن يتفوَّه به أحدٌ؛ لأنه لا يتوافق مع سُنَنِ الله التي أقرَّها في كونه، وقِسْ على ذلك ما شئت؛ فالإنسان والحيوان بصفة عامَّةٍ لا يستطيع أن يعيش بدون طعام أو شراب، ولو امتنع أي إنسان عن الطعام والشراب فترة فمآله -لا محالة- إلى الموت.

التاريخ والواقع

إن لله I سننًا ثابتة في تغيير الأمم وتبديل أحوالها؛ سواء كان هذا التبديل من الضعف إلى القوة، أو كان من القوة إلى الضعف، فبحسب الطريق الذي تسلكه كل أُمَّة تكون خاتمتها، ونحن حينما نقرأ في التاريخ ونُقَلِّب في صفحاته نُشاهد سنن الله I في التغيير والتبديل؛ فالتاريخ يُكَرِّر نفسه بصورة عجيبة، حتى والله! لَكَأَنَّك وأنت تقرأ أحداثًا حدثت منذ ألف عامٍ أو يزيد - تشعر وكأنها الأحداث نفسها التي تتمُّ في هذا الزمن، مع اختلاف في الأسماء والتفاصيل فحسب.
فأنت حين تقرأ تاريخ الماضي فكأنك تقرأ أحداث المستقبل بتفصيلاتها؛ ذلك أن أحداث المستقبل هذه لن تتمَّ إلاَّ على هذه السنن الثابتة، التي جعلها الله في تبديل الأمم وتغيير أحوالها؛ فانظر في أي طريق تسير الآن لتعرف إلى أي مصير ستصل، والمؤمن العاقل هو الذي لا يبدأ من الصفر فيُكَرِّر كل ما فعل السابقون، وإنما يقف أمام تاريخهم فيسير على درب مَنْ أصاب فأفلح، ويبتعد عن طريق المخطئين الخاسرين.
وفي تاريخ الأندلس خير دليل على هذا؛ لذلك فنحن نحاول تحليل هذا التاريخ تحليلاً دقيقًا؛ نحاول أن نُقَلِّب صفحاتٍ ونُظهر أحداثًا قد علاها التراب أعوامًا وأعوامًا، نحاول أن نُظهر ما حاول الكثيرون أن يطمسوه، أو يُخرجوه لنا في صورة باطلٍ وهو حقٌّ، أو في صورة حقٍّ وهو باطلٌ؛ فكثيرٌ يحاولون أن يُزوِّروا تاريخنا الإسلامي، وهي جريمة خطيرة جدُّ خطيرة، يجب أن يُتصدَّى لها.

لماذا تاريخ الأندلس؟

لأن تاريخ الأندلس يشمل أكثر من ثمانمائة سنة كاملة من تاريخ الإسلام، وتحديدًا من عام (92هـ=711م) إلى (897هـ= 1492م)؛ أي ثمانمائة وخمس سنين (هجريًّا)، هذا إذا أغفلنا التداعيات التي أعقبت ما بعد عام 897هـ، فهي فترة ليست بالقليلة من تاريخ الإسلام؛ فمن غير المقبول إذًا ألاَّ يعرف المسلمون تفاصيل فترة شغلت في الزمن أكثر من ثلثي التاريخ الإسلامي، هذا أمر.
والأمر الآخر أن تاريخ الأندلس لطول فترته، مرَّ فيه كثير من دورات التاريخ التي اكتملت ثم انتهت، فسنن الله في تاريخ الأندلس واضحة للعيان؛ فقد قام فيه كثير من الدول وارتفع نجمها، وسقط فيه -أيضًا- كثير من الدول وأفل نجمها، كثير من الدول أصبحت قوية؛ ومن ثَمَّ راحت تفتح ما حولها من البلاد، وكثير منها أصبحت ضعيفة، وأصبحت لا تستطيع حماية أرضها، أو تعتمد على غيرها في حمايتها؛ مثلما يحدث الآن، وظهر -أيضًا- في تاريخ الأندلس المجاهد الشجاع، وظهر الخائف الجبان، ظهر التقيُّ الورع، كما ظهر المخالف لشرع ربه I. ظهر في تاريخ الأندلس الأمين على نفسه وعلى دينه وعلى وطنه، وكذلك الخائن لنفسه ودينه ووطنه، ظهرت كل هذه النماذج، وتساوى فيها الجميع؛ حاكم ومحكوم، عالم وأمِّيٌّ.
وما من شكٍّ أن دراسة مثل هذه الأمور يُفيد كثيرًا في استقراء المستقبل للمسلمين.

أحداث في تاريخ الأندلس

إن في تاريخ الأندلس أحداث يجب أن نعرفها:
من الضروري أن نعرف موقعة وادي برباط؛ تلك الموقعة التي تُعَدُّ من أهمِّ المعارك في التاريخ الإسلامي، ليس لأنها الموقعة التي فُتحت فيها الأندلس فقط؛ ولكن لأنها تُشَبَّه في التاريخ بموقعتي اليرموك والقادسية، ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين لا يسمع من الأساس عن وادي بَرْبَاط.
ومن الضروري -أيضًا- أن نعلم هل قصة حرق السفن -التي يُقال: إنها حدثت في عهد طارق بن زياد -رحمه الله- حقيقة أم من نسج الخيال؟ كثير من الناس لا يعلم حقيقة وتفاصيل هذه القصة، وكيف حدثت، إنْ كانت قد حدثت؟ وإذا لم تكن حدثت في الأصل فلماذا انتشرت بين الناس؟!
ثم يجب أن نعرف مَنْ يكون عبد الرحمن الداخل -رحمه الله؛ ذلك الرجل الذي قال عنه المؤرخون: لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام بالكلية من بلاد الأندلس.
خريطة الأندلسكما يجب أن نعرف مَنْ هو عبد الرحمن الناصر، أعظم ملوك أوربا في القرون الوسطى على الإطلاق؛ ويجب أن نعرف كيف وصل إلى هذه الدرجة العالية؟ وكيف أصبح أكبر قوة في العالم في عصره؟
وكذلك يوسف بن تاشفِين -رحمه الله- القائد الرباني، صاحب موقعة الزلاقة، يجب أن نعرفه ونعرف كيف نشأ؟ وكيف ربَّى الناس على حياة الجهاد؟ وكيف تمكَّن من الأمور؟ بل وكيف ساد دولةً ما وصل المسلمون إلى أبعادها في كثير من فتراتهم؟
وأبو بكر بن عمر اللمتوني.. هذا المجاهد الذي دخل الإسلامَ على يده أكثرُ من خمس عشرة دولة إفريقية.
ومن المهم -أيضًا- أن نتعرَّف على أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي، صاحب موقعة الأركِ الخالدة؛ تلك التي دُكَّت فيها حصون النصارى، وانتصر فيها المسلمون انتصارًا ساحقًا.
كما يجب أن نعرف دولة المرابطين وكيف قامت؟ ودولة الموحدين وكيف قامت؟
ومن الضروري أن نعرف مسجد قُرْطُبَة، ذلك المسجد الذي كان يُعَدُّ أوسع مساجد العالم، وكيف حُوِّل إلى كنيسة ما زالت قائمة إلى اليوم؟! وكذلك مسجد إِشْبِيلِيَة ينبغي أن نعرفه.
وينبغي أن نعرف جامعة قُرْطُبَة والمكتبة الأموية، وقصر الزهراء ومدينة الزهراء..
ينبغي أن نعرف قصر الحمراء، وغيرها من الأماكن الخالدة التي أمست رسومًا وأطلالاً، وهي اليوم في عِدَاد أفضل المناطق السياحية في إسبانيا، وتُزار من عموم الناس؛ سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
موقعة العقاب تلك التي مُنِيَ فيها المسلمون بهزيمة ساحقة، رغم تفوُّقهم على عدوِّهم في العدد والعُدَّة، وكأنَّ موقعة حُنَيْن عادت من غابر التاريخ؛ لتروي أحداثها في موقعة العقاب، تلك الموقعة التي قال عنها المؤرخون: بعد موقعة العقاب لم يُرَ في الأندلس شابٌّ صالحٌ للقتال.
كما يجب أن نعرف كيف سقطت الأندلس؟ وما عوامل السقوط؟ التي إن تكرَّرت في أُمَّة من المسلمين سقطت لا محالة بفعل سنن الله الثابتة.
ثم كيف وأين سطعت شمس الإسلام بعد سقوط الأندلس؟ كيف جاء غروب شمس الإسلام في الأندلس -في غرب أوربا- متزامنًا مع إشراقها وسطوعها في القسطنطينية شرق أوربا؟
كما يجب ألاَّ ننسى مأساة بَلَنْسِيَة، وكيف قُتِل ستون ألف مسلم في يوم واحد؟ وما أحداث مأساة أُبَّذَة؟ وكيف قُتل ستون ألف مسلم آخرون في يوم واحد؟
ثم يجب أن نذكر دائمًا مأساة بَرْبُشْتَر، وكيف قُتل أربعون ألف مسلم في يومٍ واحدٍ، وسُبيت سبعة آلاف فتاة بِكْر من فتيات بَرْبُشْتَر؟! وقد شاهدنا هذه الأحداث الغابرة تُعِيد التحدُّث عن نفسها في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد المسلمين.
لو عرفنا هذا كله، وعرفنا ردَّ فعل المسلمين، وكيف قاموا من هذه المآسي المفزعة، لعرفنا كيف ننهض الآن ونقوم.

تساؤلات في التاريخ الأندلسي

نعلم أن كثيرًا من التساؤلات، بعد قراءة هذه المقالات ستظل في حاجة إلى إجابة.. إن اتساع مساحة الفترة التاريخية التي نتناولها تجعل من العسير –إن لم يكن من المستحيل- أن نستوعب كل ما يمكن أن يُكتب فيها في مثل هذه المساحة المرصودة للمقالات؛ لذا فلقد حاولنا قدر الاستطاعة وفي حدود ما هو متاح أن نُقَدِّم «قصة الأندلس» كملامح عامة لهذه الفترة التاريخية الثريَّة، كي تكون في ثوبها المختصر ماثلة في الأذهان قريبة من أكبر عدد من شرائح القراء، ولا سيما الشباب الذين هم عدة الحاضر وبشارة المستقبل.
تساؤلات في التاريخ الأندلسيكما أن بعض الأسئلة ستظلُّ بلا إجابة؛ لأن بعض فترات الأندلس تعاني من ندرة في المصادر، ذلك أنه -وحتى هذه اللحظة- ما زال الكثير من نفائس وذخائر التراث الإسلامي الأندلسي والمغربي في حكم المفقود؛ فإما هي كتب مفقودة بالكامل لا يُعرف إلى أين أخذتها يد الزمان، كما أن كثيرًا من النفائس ما زالت في هيئتها المخطوطة، وتحتاج إلى أن تمتد إليها أيدي العلماء والباحثين لتحقيقها وضبطها وإخراجها إلى عالم المطبوع؛ فيسهل انتشارها والاستفادة منها.
إلى جانب هذا، فإن المؤرخين -حين يكتبون- فإنما يكتبون الوقائع وعليها ثوب من رؤيتهم وتحليلهم وتفسيرهم لها، ولا شكَّ أن المؤرخ بشرٌ يناله النقص والخطأ وعدم الاستيعاب، ولئن كان تاريخنا الإسلامي قد تميز بوجود مؤرخين لا يترددون في أن يذكروا للشخصية العظيمة مثالبها، وأيضًا يذكرون للشخصية السيئة محاسنها، فإن هؤلاء المؤرخين -أيضًا- ما زالوا بشرًا، تُؤَثِّر صياغاتهم ومواقفهم وميولهم على التحليل والتفسير للوقائع التاريخية.
لكننا اجتهدنا ما وسعنا الجهد في التقريب والتفسير والترجيح بين ما تعارض من الروايات التاريخية، محاولين الوصول إلى ما نراه الحق، راجين أن يجبر الله عثراتنا، وأن يتقبل منا أعمالنا بقبول حسن.

الأندلس – الفردوس المفقود

إن قصة الأندلس قصة مؤلمة؛ ذلك أننا سنستعرض تاريخًا ومجدًا زاهرًا، ونحن نعلم أن هذا المجد قد انتهى وضاع، وصارت الأندلسُ الفردوسَ المفقود.. إلا أنه لا مناص عن قراءة مقالات هذا المجد السليب، وهذا التاريخ الثريّ.. لنقرأ كيف تقام الأمجاد وكيف تضيع، فلئن كنا نسعى في نهضة أمتنا ورفعتها فَلأَن نسعى ونحن نعلم وندرك خبرة الماضي خير من أن نسعى ولا ماضي لنا ولا خبرة.
إن تاريخ الأندلس بصفحاته الطويلة -أكثر من ثمانمائة عام- يُعَدُّ ثروةً حقيقية.. ثروة ضخمة جدًّا من العلم والخبرة والعِبرة، ومن المستحيل في هذه الدراسة أن نُلِمَّ بكل أحداثه وتفصيلاته، بل لا بُدَّ وأن نُغفِل منه بعض الجوانب؛ ليس تقليلاً من شأنها وإنما اختصارًا للمساحة.
ومن الواجب على الجميع أن يبحث في تاريخ الأندلس -تاريخ ثمانمائة عام- إذ هو يحتاج أكثر وأكثر مما أفردنا له.

تأملات في سقوط الأندلس

قد يسأل القارئ في تاريخ الأندلس سؤالاً بديهيًّا وهو: لماذا اعتنق الأندلسيون المذهب المالكي وتعصبوا له، وظلوا مستمسكين به حتى في أوقات المحن التي تعرضوا لها أثناء محاكم التفتيش، لدرجة أن آخر كتابَيْن فقهيين كُتبا في الأندلس -والذين كتبهما الفقيه عيسى بن جابر قاضي شقوبية[1]- هما كتابان في المذهب المالكي، كتبهما الفقيه عيسى بن جابر باللغة الإسبانية يشرح فيهما أصول المذهب وقواعده لأولئك المسلمين الذين كانوا يقيمون في مملكة قشتالة المسيحية، والذين نسوا اللغة العربية ولم يعودوا قادرين على استخدامها؛ مما ألجأه إلى تأليف كتابيه الآنفين بإسبانية القرن الخامس عشر، وقد حمل هذان الكتابان عنوان (Leyes de Moros) أي (شريعة المسلمين)[2]، على ما ينقل المؤرخ الجليل محمود علي مكي[3]؟!

والحق أن هذا السؤال لم يكن ليبتعد عن العلامة ابن خلدون رحمه الله، فهو الذي وصف المجتمع الإسلامي في عصره بأبدع وصف وتشريح وتعليق، حتى إنه من القلائل الذين فهموا الحادثة التاريخية، وامتزجوا بغاية التأريخ التي هي الشعور بالأحداث وتدوينها مع التشريح والنقد الذي هو سمة المفكرين المسلمين، حتى عُدت مقدمته "مقدمة لفلسفة التاريخ" بجانب كونها "مقدمة لعلم الاجتماع".

لقد أجاب ابن خلدون -رحمه الله- على هذا التساؤل إجابة مركبة من التاريخي والنفسي لطبيعة الإنسان الأندلسي حتى القرن الثامن الهجري، فقال رحمه الله: "أما مالك -رحمه الله تعالى- فاختصّ بمذهبه أهل المغرب والأندلس، وإن كان يوجد في غيرهم إلا أنهم لم يقلدوا غيره إلا في القليل؛ لما أن رحلتهم كانت غالبًا إلى الحجاز، وهو منتهى سفرهم، والمدينة يومئذ دار العلم، ومنها خرج إلى العراق، ولم يكن العراق في طريقهم فاقتصروا عن الأخذ عن علماء المدينة وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه من قبله وتلميذه من بعده. فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلّدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته. وأيضًا فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب والأندلس، ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهل العراق، فكانوا إلى أهل الحجاز أميل لمناسبة البداوة.

ولهذا لم يزل المذهب المالكي غضًّا عندهم، ولم يأخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها، كما وقع في غيره من المذاهب، ولما صار مذهب كل إمام علمًا مخصوصًا عند أهل مذهبه، ولم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد والقياس فاحتاجوا إلى تنظير المسائل في الإلحاق وتفريقها عند الاشتباه بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذاهب إمامهم، وصار ذلك كله يحتاج إلى ملكة راسخة يقتدر بها على ذلك النوع من التنظير، أو التفرقة واتباع مذهب إمامهم فيهما ما استطاعوا، وهذه الملكة هي علم الفقه لهذا العهد، وأهل المغرب جميعًا مقلدون لمالك رحمه الله"[4].

على أن الدكتور محمود علي مكي قد تساءل ذات السؤال، وهو الباحث المتعمق في تاريخ الأندلس، وأحد الرجالات القلائل الذين عنوا بتحقيق التراث الأندلسي تحقيقًا بديعًا، فهو يقول: "والشيء الذي يلفت النظر من خلال هذا الوجود الإسلامي الطويل في إسبانيا أن هؤلاء المسلمين الأندلسيين في حاليْ قوتهم وضعفهم كانوا يدينون بمذهب فقهي واحد لم يعدلوا عنه أبدًا، هو المذهب المالكي الذي دانت به الأندلس منذ أدخله عدد من متقدمي الفقهاء الذين عاشوا في القرن الثاني الهجري..

صحيح أن الأندلس عرفت مذاهب فقهية أخرى قبل المذهب المالكي وبعده، منها مذهب الإمام الشامي الأوزاعي الذي كان أول مذهب يدخل الأندلس، ثم أزاحه مذهب إمام أهل المدينة من طريقه، ومذهب الإمام المصري الليث بن سعد، ثم عرفت في الأندلس سائر المذاهب الفقهية المعروفة: مذهب الإمام الشافعي، ومذهب أهل الظاهر، فضلاً عن عدد قليل اعتنقوا مذهب أبي حنيفة، لكن كل هذه المذاهب لم تمثل قط منافسة حقيقة للمذهب المالكي الذي أطبق عليه الأندلسيون حتى نهاية الوجود الإسلامي في هذه البلاد"[5].

ومع التعصب للمذهب المالكي الذي يجده القارئ في تاريخ التمذهب في الأندلس، فإن كثيرًا قد أرجعوا هذا الأمر إلى "تعصب" الأندلسيين؛ لكن يعترض الدكتور مكي على هذا التحليل ويراه قاصرًا عن فهم السبب الحقيقي الذي أوجد مثل هذا "التعصب"، فهو يقول: "الأمر يحتاج إلى نظرة أعمق تحاول أن تفسر تلك الظاهرة تفسيرًا يتفق مع واقع الأندلس، ولا سيما خلال القرون التي سلختها من حياتها الإسلامية، وذلك أن الأندلس كانت هي أبعد الثغور الإسلامية في الغرب ورأس حربة الإسلام المغروس في جسم القارة الأوربية.

ولهذا فقد ظلت منذ استقرار المسلمين فيها حتى نهاية دولتهم ميدانًا للصراع الذي لم ينقطع قط بين الإسلام والنصرانية، وقد أدى ذلك بالأندلسيين إلى الحفاظ على وحدتهم الدينية والمذهبية بكل طاقتهم، بل اعتبروا هذه الوحدة جزءًا من وحدتهم السياسية، ورأوا في كل ما يتهدد تماسكهم الديني والمذهبي خطرًا يهدد كيانهم السياسي في الصميم"[6]، وهو يقرر أن التعصب النصراني للكاثوليكية في إسبانيا النصرانية وعدم قبول البروتستانت حتى لا تتعرض الوحدة النصرانية للتشرذم والانفصام، هو ذاته الذي جعل فقهاء المسلمين وهم النُّخبة الواعية في المجتمع الأندلس تقابل توحُّد النصارى حول مذهبهم، بالشيء ذاته في الأندلس، التمحور حول المذهب المالكي الذي هو تمحور حول الوحدة السياسية في نهاية المطاف.

ومع وجاهة هذا التحليل والرأي، فإن الأندلس قد تشرذمت بالفعل إلى دويلات الطوائف، ولم تغن وحدة المذهب عن التفرق السياسي بل والتناحر العسكري شيئًا، ثم سقوط الأندلس بالكلية في نهاية الأمر.

الحق أن "التعصب" كان جليًّا فيما يتعلق بكل مذهب يخالف المالكية، لدرجة أن الخليفة الأموي وهو رأس السلطة السياسية في البلاد كان يتدخل شخصيًّا في بعض الأوقات لفضِّ النزاع بين العلماء، وهو نزاع علمي في إطار عقيدة واحدة، واختلاف في الفروع!!

وقصة قاسم بن محمد بن سيّار (ت 276هـ) وهو رأس علماء الشافعية وأول من أدخل المذهب إلى الأندلس، تؤكد ما لاقاه من تضييق أصحاب المذهب المالكي ما يغني عن القول، حتى إن الأمير محمد بن عبد الله الأموي (ت 277هـ) قرّبه منه، وجعله مسئولاً عن تحرير وثائقه وشروطه[7].

أما محنة العلامة بقي بن مخلد (ت 276هـ) تلميذ الإمام أحمد بن حنبل، فهي أشد وأنكى، وما ذلك إلا لأنه خالف المتعارف عليه بين علماء المذهب المالكي في الأندلس، و"كان ممَّا انفَرد به بقِيّ بن مَخلد ولم يُدخله سِواه: مصنَّف أبي بَكْر بن أبي شَيبَة -رحمه الله- بتمامه، وكتاب الفقه لمحمد بن إدريس الشَّافعي الكبير بكماله، وكتاب التَّاريخ لِخَليفة بن ِخيَّاط، وكتابه في الطَّبقات، وكتاب سير عُمَر بن عَبْد العَزيز -رحمه الله- للدّروقي"[8].

ومن العجيب أن استقلال بقيّ في الرأي والفُتيا ثم إدخاله للكتب الآنفة التي لم يعرفها علماء الأندلس، أو لعلهم عرفوها ولم يدخلوها تعصبًا لرأيهم، هو ما جعل معظم علماء المالكية يتعصبون ضده، وقد تولى كبر الوقوف أمام بقي بن مخلد -رحمه الله- أحد علماء المالكية ويسمى ابن مرتنيل الذي يشير اسمه إلى كونه ينتمي إلى أسرة لاتينية أسلمت، وآخر يسمى أصبغ بن خليل الذي كان خصمًا لدودًا جعله يتجرأ بقوله: "لأن يكون في تَابُوتي رأس خنزير أحَبُّ إليَّ من أن يَكون فِيه مسند ابن أبي شَيْبَة"[9]!! الذي أدخله بقيّ رحمه الله.

وقد وصل الأمر إلى أن هؤلاء الفقهاء أثاروا غضب العامة على بقيّ، لدرجة جعلته يمكث في بيته مرعوبًا منهم خشية القتل. لكن مثل سابقه قاسم بن سيار، فإن الأمير محمد بن عبد الله يتدخل لإنقاذ بقيّ، بعقده مناظرة بينه وبين المالكية بين يديه، تنتهي بعد تفوق بقي وإفحامه لهم، وتصفح الأمير لمسند ابن أبي شيبة -رحمه الله- بقوله لخازن كتبه: "هذا الكتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخة لنا"، ثم قال لبقي: "انشر علمك، وارو ما عندك". ونهاهم أن يتعرضوا له[10]. فهل كان الأمير محمد الأموي غير مهتم بالوحدة السياسية التي تحدث عنها الدكتور مكي؟!

وقد يعترض القارئ على مثل هذا الأمر بقوله: إن ما ذكرتَ لا يخلو مما كان يحدث في المشرق من خلاف بين رجال المذاهب الفقهية. والرد يكمن بالإيجاب، لكنه إيجاب ليس على إطلاقه؛ ذلك أن المشرق الإسلامي كله شهد حالة من التعايش بين المذاهب الفقهية كلها، ولم يكن تعصب الفقهاء في طوال تاريخ الإسلام في المشرق إلا الاستثناءات الطبيعية في كل قاعدة حياتية بين البشر لا تخلو من كدر وشوائب، ولا يسلم العلماء من هذا، فهم بشرٌ في نهاية المطاف. لكن أن تكون هذه ظاهرة تمثل تاريخ الإسلام في الأندلس من أول دخول المذهب المالكي في القرن الثاني الهجري حتى خروج المسلمين بالكلية في القرن السابع عشر الميلادي/الحادي عشر الهجري، فهذا أمر يبعث على الدهشة والاستغراب!!

دهشةٌ جعلت المؤرخ الإسباني الشهير خوليان ريبيرا يقرر صراحة أن "الأمر في إسبانيا الإسلامية كان أكثر انغلاقًا، وعدم التسامح أشد تضييقًا، فيما يتصل بالمواد العلمية؛ لأن فقهاء المذهب المالكي وقد رأوه يسيطر على الضمائر وحده، ملأهم العجب بما تحقق من إقبال جُلّ الناس عليه في شبه الجزيرة، وحاولوا أن يقفوا دون المذاهب الأخرى حتى لا تنافسه في هذا المجال، وتقدم علمًا مختلفًا عما تحويه كتب أمام مذهب أهل المدينة، وكان صاحب الكلمة الأخيرة لديهم فيما يتصل بعلم الكلام والفقه والأخلاق"[11].

وبالقطع لا يمكن تعميم التعصب للمذهب المالكي على كافة علماء المالكية في بلاد الأندلس، فقد تجلى بينهم كوكبة من كبار العلماء الذين لا نزال نتذكرهم بالإجلال والإكبار كأبي الوليد الباجي (ت 474هـ)، وأبي الوليد بن رشد (ت 520هـ)، وابن المقري (ت 557هـ)، وغيرهم كثير.

لكن هذا المقال يتساءل، وهو كذلك يفتح الحديث عن دراسة جادة تستقصي الإجابة الموضوعية عن السؤال التالي: هل كان التعصب للمذهب المالكي سببًا أو على الأقل أحد الأسباب (الرئيسية أو الفرعية) في سقوط الأندلس؟!

بقلم: محمد شعبان أيوب[12]

آخر أبطال غرناطة ! بقلم الشيخ علي الطنطاوي

لم تشهد شمس اليوم الواحد والعشرين من المحرَّم سنة 897هـ/1491م حينما أَطَلَّتْ على غرناطة تلك المدينةُ الضاحكة للحياة، الساكنةُ إلى النعيم، السابحةُ في جوِّ النَّغَمِ العَذْب، والعِطْر الأريج، بل رأت مدينةً واجمةً حَيْرَى، قد أَقْفَرَتْ منَ الرجال إلا قبضةً منَ الأبطال، رابَطَتْ حيال الأسوار، هي بقيَّة ذلك الجيش الذي دانت له إسبانيا كلها، وأظلت أَلْوِيَتُهُ فرنسا وإيطاليا، قَدْ وَقَفَتْ تُدافِعُ عَنْ آخِرِ حِصْنٍ لِلإسلام في هذا القطر المُمَزَّع، تَذُودُ عن بيوت الله، ومقابر الأجداد.

ولقد جازت غرناطةُ أيَّامًا سُودًا عوابِسَ، ورأتْ مصائبَ ثِقالاً متتابعات؛ ولكنها لم تجد مثل هذه الليلة التي قَضَتْها مُسهِدَةً مذعورَةً، تنظر حَوالَيْها فلا تُبْصِرُ إلا مُدُنًا خضعت للعدو، فجاسَ خلالها، واستقرَّ فيها، وقد كانت أرضَ العروبة، وكانت ديارَ الإسلام، وأُمَّةً استُذِلَّتْ واستُعْبِدَتْ، وقدْ كانتْ أعَزَّ منَ النُّسور، وأَمْنَعَ منَ العُقْبَانِ؛ وبقيتْ هي وحدَها تحمي الحِمَى وتدافع عن الأرض والعِرض والدين، وتحمل وَحْدَها أوزار الماضي وما كان فيه من تخاذُل وأَثَرَةٍ وانقسام؛ وتؤدي وحدَها الدَّيْن، دَين الجهاد، الذي كان في أعناق مُدُن الأندلس كلِّها والمسلمين أجمعين، فنامتْ عنها مُدُن الأندلس، وشغلتها خيالاتُ الإمارة، وألقاب مملكة في غير موضعها.

وجعلتْ تنظُرُ غرناطةُ إلى القصر البَهِيِّ العظيمِ، وهو آخِرُ هاتِيكَ القُصور، التي شغل رُوَاؤُها الأمراءَ، وأنْسَتْهُم سُكْناها أخلاقَ صحرائِهِم الأُولَى، فكانت مقابرَ لأمجادهم طَفِقَتْ تنظر إليه فلا ترى من بُناةِ الحمراء إلاَّ الرَّجُلَ الضَّعيفَ، المرأةَ الملتَحِيَةَ التي اسمُها أبو عبد الله الصغير، وأُمُّهُ الشَّريفةُ الأَبِيَّةُ؛ الرَّجُل الذي خُلِق في جسم امرأة: عائشة، فحوَّلَتْ وَجْهَهَا عنِ القصر إلى جِهَةِ السُّورِ تسأل: هل عاد موسى؟

ولقد كان "موسى" أَمَلَ هذا الشعبِ، وإليه مَفْزَعُهُ، وعليه -بعدَ الله- اعتمادُهُ، بدا له في ساعة الخطر كما يبدو النَّجْمُ الهادي للضالِّ الآيِسِ.

لقد طلع فجأة منَ الظلام؛ ظلامِ الدهماء، فإذا هو يلمع في لحظة واحدة الْتِمَاعَ البدر المنير -وكذلك يَقْذِفُ هذا الشعبُ العربِيُّ بالأبطال كلَّمَا حاقت الشدائدُ، وادلهمَّت الخُطوب- وإذا هو أَمَلُ أُمَّة، وإذا هو مِلْءُ السمع والبصر، وملء السَّهْلِ والجَبَل، وإذا هو بطل المعركة المُكْفَهِرَّةِ، دعا إلى القتال شَعْبًا كَلَّ مِنَ القتال، فَلَبَّاهُ على كَلاَلِهِ، هذا الشعب الذي عَلَّمَهُ محمدٌ كيف يُلَبِّي كُلَّما دُعِيَ إلى التضحية والجهاد، لبَّاه وتشقَّقَتْ أَسْمَالُهُ البَالِيَة عن أُسُودِ غَابٍ، وسِبَاعِ عَرِين. ووقف بهؤلاءِ الأسودِ في وجه السيل الإسبانيِّ الطَّامِي، وما زال ثابتًا، ولكنَّ أُسُودَه قد سقطوا صَرْعَى في ميادين الشَّرَف.

خرج موسى منذ إحدى عَشْرَةَ ساعَةً يَضْرِبُ الضَّرْبَةَ الأخيرة ينالُ بِها إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ، إمَّا النصر وإما الشهادة، ويَرُدُّ العَدُوَّ الذي أبقى عليه حِلم المسلمين حتى قَوِيَ بضَعْفِهِم، واشتدَّ بِلِينِهِمْ. وانتزع منهمُ الأرض قَرْيَةً قريةً، وبَلَدًا بلدًا، حتَّى أقبل يَطْرُدُهُم من آخِرِ منزل لهم في الأندلس، من غرناطة.

وعلتْ غرناطةَ فترةُ الجَزَعِ، من خَوْفِها على (موسى)؛ لقدْ جَعَلَتْهُ قائِدَها، وسلَّمَتْهُ الدَّفَةَ، لِيقودَ السفينة الهائمة على وَجْهِها وسطَ الأعاصير والزوابع إلى الشاطئ الآمن، فإذا عجز موسى عن نَجاتها، لم يُنجِها أحدٌ من بعدِهِ، وقد كان موسى آخِرَ خيط من خيوط الرجاء، وآخِرَ شعاعة من هذه الشَّمْسِ الَّتي سَطَعَتْ فملأتِ الأرض نورًا وهُدًى، ثم أدركها المَغِيبُ، فإذا انقطع هذا الخيط عمَّ ظلامُ اليأس وانتشر، وقد كان موسى آخِرَ مَقْطَع من هذا النشيد الذي أَلَّفَ مَطْلَعَهُ طارق، ثم توالى على نَظْمِهِ (شعراءُ...) البطولة عبد الرحمن وعبد الرحمن وعبد الرحمن؛ الغافقيُّ والداخلُ والناصرُ. فحَمَلَهُ الأبطال المساعير إلى الأقاصي والأداني، وتجاوبت بأصدائه صُهُولُ فرنسا، وبِطاح إيطاليا، ثم ضَعُفَ وتَخافَتَ، ولم يَبْقَ منه إلا هذا المَقْطَع، فَإذا انْقَضَى جَفَّ النشيد على الشفاهِ، وانقطع ومات.

وقد كان موسى آخِرَ سَطْرٍ في سِفر الحقِّ والبطولة والمجد؛ ذلك الذي كَتَبَهُ العرب المسلمون في ثمانمائة سنة، فمحاه الإسبانُ في سنوات، ولم يبق إلا هذا السطر، فإذا طُمِسَ ذَهَبَ السِّفْرُ وباد، وقد كان موسى آخِرَ نَفَسٍ من أنفاس الحياة في الأندلس المسلمة؛ فإذا وقف هذا النَّفَسُ الواحد، وسكن هذا الذَّماءُ الباقي، صارت الأندلس المسلمةُ أثرًا بعد عين، وصارت ذكرى عزيزةً في نَفْسِ كلِّ مسلم، وأمانةً في عُنُقِهِ إلى يوم القيامة.

وانطلقتْ من أعالي الأسوار؛ أنْ "لَقَدْ عَادَ مُوسَى". فتقاذَفَتْها الألْسُنُ وتناقَلَتْها الآذانُ، فطارت في أرجاء المدينة، وسارت في جوانبها مَسِيرَ البَرْقِ، فَبَلَغَتِ السَّاحاتِ والدُّروب، ووَلِجَتِ الدُّور والمنازل، وأوْغَلَتْ خلال البُيوت والسَّراديب؛ فَلَمْ تَلْبَثْ أن نَفَضَتْها نَفْضًا فَأَلْقَتْ بِأَهْليها إلى الأَزِقَّةِ والشوارع، فإذا هي ممتلئةٌ بِالنَّاس من كلِّ جنس وسِنٍّ ومنزلة. وإذا هي تَزْخَرُ بهذا النهر الإنسانيِّ الذي يجري صَوْبَ الأسوار، صَخَّابًا جَيَّاشًا مُزْبِدًا، يَتَحَدَّر ويُسْرِعُ مَجْنونًا، كأنَّما تَدْفَعُه قُوَّةٌ خفِيَّة هائلةٌ احتوتْها هذه الكلماتُ السحريةُ (المُكَهْرَبَة) الثلاث: "لقد عاد موسى"!

لقد كان يومًا من الأيام الغُرِّ التي تضيء الطريقَ لمن يَسْلُكُ فِجاجَ التاريخ، وتجيء في الليالي كالعبقريِّ في الناس، وتصنع العجائبَ لتكون معجزة في الزمان؛ ما شهدت مِثْلَهُ غرناطة، ولا أبصرت منه (إلا قليلاً) عينُ الوجود! يومَ أضاع فيه الناسُ غريزة المحافظة على الذات، في غِمار غريزة النَّوع، ونسُوا نفوسهم ليذكروا الدِّين والوطن، وانْبَتُّوا منَ الحاضر المَقِيتِ، ليعيشوا في الماضي الفَخْم، فماجَ في سُوح غرناطة بحرٌ منَ الأجسام البشرية حَمَلَ أصحابُها أرواحَهُم على أَكُفِّهِم، وقدموا بين أيديهم دماءهم، التي غَضِبَ فيها ميراثُ ثمانية قُرون كلُّها مجدٌ وعزٌّ، ونفوسهم التي عصفت فيها ذكرياتُ أَلْفِ معركة منصورةٍ؛ فمشتْ في الأعصاب النار، واستعدَّ كُتَّاب التاريخ ليكتبوا أَعْجَبَ موقف للشعب إذا هَبَّ.

ووصل موسى، ذلك البطلُ البَدْرِيُّ الذي أخطأ طريقَهُ في الزمان، فلم يَأْتِ في سنوات الهجرة الأُولَى، بل جاء في الأَوَاخِرِ من القرن التاسع، ولم يَطْلُعْ في الحجاز التي كانت تَبْتَدِئُ تاريخها المَجيدَ، بل في الأندلس التي كانت تَخْتم تاريخها.

وكانت تعلوه كآبةٌ، فأنْصَتَ الشعب واحترم كآبةَ هذا الرجل الذي لو سَبَقَ به الدهر لَصَنَعَ يَرْمُوكًا أُخرى أو قَادِسِيَّةً ثانية، ولكنَّ الله الذي فتح تاريخنا في الأندلس بموسى، قد خَتَمَهُ الآن بموسى!

ونظر موسى حولَه، فإذا حولَه شيوخٌ قد أراق الكَرَمُ على شَيْباتهم بهاءه ونورَهُ، وأطفالٌ كالزَّهْر فتحوا عُيونهم على الدنيا فوجدوها غارقةً في بِركة منَ الدم، ونِسْوَةٌ تفتحتِ الأكمام عن زهراتها، فَرَأَتِ الطُّرقات مَنْ لم تكنِ الشمس تَرَاهُنَّ صِيانَةً وتَعَفُّفًا، قد بَرَزْنَ يَسِرْنَ إلى المعركة ويُزاحِمْنَ الرجال، ولم يكنَّ يَخْشَيْنَ على جَمَالِهِنَّ، فقد غَطَّتْ عاطفةُ الجِهاد على عاطفة الجنس، فكان كل رجل أخًا فيه لِكلِّ امرأة؛ فأَحْنَى رأسَهُ، ورأى الناسُ في عَيْنَيِ البطلِ دمعة تَتَرَقْرَقُ، وفَتَحَ فَمَهُ فحَبَسَ الناس أنفاسهم.

فإِذا هو يُعْلِنُ النَّبأَ المَهُولَ، نبأ تسليم أبي عبد الله الصغير مفاتيحَ غِرناطة! نبأٌ بدأ صغيرًا كما تبدو المصائب، فلم يَدْرِ الناس لهول المفاجأة ما أَثَرُ هذا وما خَطَرُهُ، ولكن القرونَ الآتياتِ دَرَتْ ما أَثَرُ هذا النبأ، ولم تفرغ إلى اليوم من وَصْفِ فواجعه وأهواله.

ونظر موسى فإذا الصَّرْح الذي أَنْفَقَ في إقامته الدَّهْرَ الأطولَ، قدِ انهار في دقائق، وإذا هذه الديارُ التي سُقِيَتْ بدم الجدود، وامتزجت برُفَاتِهِمْ، وقامتْ على أيديهم، يُسْلِمُها جبانٌ مَأْفونٌ للعدو المُغِير، وإذا السادة صاروا خولاً، والملوكُ عَبِيدًا، وجعل يفكِّر في هذه الفئة التي حولَه، في أكرم زَهرات غرناطة وأزكاها، هل يُجَنِّبُها الموتَ الحاصِرَ ويَرُدُّها إلى حيث وَجَدَتِ الراحة والدَّعة، أم يُخَلِّصُها من حياة كلُّها ذُلٌّ وأَلَمٌ، ويَسُوقُها إلى موت شريف؟

وإنه لَفِي تفكيره وإذا بأطفال غرناطة يُنْشِدُونَ ذلك النشيدَ الذي لا يُعرَفُ مَنْ نَظَمَهُ لهم، فيُصغِي الناسُ ويستَمِعُ الفَلَكُ الدَّائِر:

"لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ، إنَّا ذاهبون إلى الجنَّة.

إنَّ أرض غرناطة لن تَضِيقَ عن لَحْدِ طفل صغيرٍ مات في سبيل الله.

إن أزهار غرناطة لن تَمْنَعَ عِطرَها قَبْرًا لم يُمَتَّعْ صاحبُهُ بعِطْرِ الحياة.

إن ينابيعَ غرناطة لن تَحْرِمَ ماءَها ثَرَى لَحْدٍ، ما ارتَوَى صاحبُهُ من مائها.

أنتِ يا أرضُ غرناطة أُمُّنَا الثانيةُ فضُمِّينَا إلى صَدْرِكِ الدافئ الذي ضَمَّ آباءنا الشُّهَدَاء.

لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ بلِ اضْحَكِي، واحفظي لِعَبَنَا، سيأتي إخوتنا فيلعبون بها.

فذَكِّرِيهِمْ بأنَّنا تركناها من أجل هذا الوطن، سنلْتَقِي يا أُمَّاهُ! إنَّكِ لن تُؤْثِرِي الحياة في ظلال الإسبان على الموت تحت الراية الحجازيَّة.

ولن تَضِيقَ عَنَّا أرض غرناطة؛ ما ضاقت أرضُنَا بشهيد".

ولم يَعُدْ يُطيقُ مُوسى أكثرَ من ذلك، فلَكَزَ فَرَسَهُ، وانطلق إلى حيث لا يدري أحدٌ، كما جاء من حيث لم يَدْرِ أحد.

وكَذَلِكَ ذَهَبَ آخِرُ أبْطَال الأندلس، لم يُخْلِفْ له قَبْرًا في الأرض، ولا سِيرَةً واضحةً في التاريخ، بل مرَّ على الدنيا كأنه حُلْمٌ بهيج!

رحمةُ الله على موسى بن أبي الغسان، وعلى أولئك الأبطال.


سقوط غرناطة .. الأندلس المفقود

سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام في الأندلس، والتي بسقوطها سقطت دولة الإسلام العريقة في الأندلس، وذلك بعد أكثر من ثمانية قرون كاملة من الحكم الإسلامي لهذه البلاد والوهاد الواسعة، وهي بذلك أطول دول الإسلام حكمًا وعمرًا في تاريخ الدول والممالك الإسلامية.

فتح المسلمون بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد بلاد الأندلس سنة 92هـ، وكانت تحت حكم قبائل القوط، ومن يومها أقام المسلمون حضارة مزدهرة ودولة قوية أصبحت منارة للعلم والدين في قلب أوربا، وقد مرت هذه الدولة العريقة بعدة أدوار، كان لكل دور خصائصه وسماته التي تكشف عن مدى قوته أو ضعفه، وهذه الأدوار كالآتي:

أولاً: عصر الولاة (92هـ- 138هـ):
وهو ممتد منذ الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية، وكانت الأندلس خلالها ولاية تابعة للخلافة الأموية، وتعاقب في هذه الفترة الزمنية على الأندلس ثلاثة وعشرون واليًا؛ أي بمعدل سنتين للوالي، وقد استشهد العديد من هؤلاء الولاة أثناء مدّ المسلمين للفتوحات في قلب أوربا، وقد اتسمت هذه الفترة بالعديد من السمات:

1- هياج الفتنة العصبية والقبلية بين جند الفتح من عرب وبربر، ومن قبائل عربية قيسية ويمانية من ناحية أخرى. وهذه الفتنة ستئول لقتال عنيف سُفك فيه الكثير من الدماء، وضاعت المناطق الشمالية من الأندلس خلال هذا الصراع، وهذه الفتنة من أهم وأكبر أسباب سقوط دولة الإسلام في الأندلس، وستظل صراعًا مزمنًا وداءً عضالاً في جسد هذه الدولة، سيقتلها آخر المطاف.

2- شيوع فكر الخوارج الذين فروا من المشرق إلى المغرب والأندلس تحت تأثير الضربات القوية للخلافة الأموية، وسيعتنق الكثير من البربر هذا الفكر الشاذ.

3- محاولة المسلمين المتكررة لفتح بلاد فرنسا التوغل لقلب أوربا، وكانت معركة بلاط الشهداء سنة 114هـ من أعظم المعارك التي خاضها المسلمون في هذا العصر.

ثانيًا: عصر الدولة الأموية الأول (138هـ- 238هـ):
وهو العصر الذي يبدأ بدخول عبد الرحمن الأموي الملقب بالداخل وصقر قريش لبلاد الأندلس وسيطرته على مقاليد الأمور بعد الكثير من الاضطرابات والاقتتال انتهت بانتصاره يوم المصارة سنة 138هـ، وخلال هذا العصر الذي امتد قرنًا من الزمان حكم الأندلس أربعة رجال: عبد الرحمن الداخل وولده هشام، ثم حفيده الحكم، ثم ولد حفيده عبد الرحمن. وقد امتاز هذا العصر المعروف بعصر الازدهار الأول بعدة أمور:

1- الثورات المتكررة التي قام بها زعماء القبائل العربية الذين رفضوا الانقياد لحكومة قرطبة المركزية، سواء في ذلك القبائل المضرية التي هي في الأصل ينتمي إليها عبد الرحمن الداخل، والقبائل اليمانية، وقد قضى عبد الرحمن على هذه الثورات بمنتهى الحزم والشدة.

2- محاولة الخلافة العباسية التي قامت على أنقاض الدولة الأموية، تقويض الحكم الأموي بالأندلس، ولكنها محاولات باءت جميعها بالفشل.

3- بداية تبلور الممالك الإسبانية في الشمال، وظهور مملكة أراجون وليون في أقصى الشمال، ومحاولة هذه الممالك التحرش بالمسلمين واستعادة ملكها القديم، ولكنها كانت ما زالت وليدة وضعيفة.

4- استقرار دولة الإسلام وازدهارها بعد توطيد عبد الرحمن الأموي للأمور، فورث أولاده من بعده حكمًا ثابتًا مستقرًّا قويًّا، فأنشأ الأسطول الأندلسي، وثكنات الجيش الثابتة.

5- انتشار مظاهر الترف والرفاهية في أواخر هذا العهد، وانشغل الناس بالتمدد العمراني وبناء القصور الفخمة والمتنزهات، وبدأت مجالس اللهو والغناء والمجون في الظهور.

6- بداية ثورة المستعربين العاتية في أواخر هذا العهد، وما ستجلبه من متاعب جمّة فيما بعد.

ثالثًا: عصر الدولة الأموية الثاني (238هـ- 300هـ):
وهو المعروف بعهد التدهور الأول للأندلس، وفيه حكم البلاد ثلاثة رجال كلهم من بني أمية، وفي هذا العصر اجتاحت الثورات العنيفة أنحاء الأندلس، وألقت بظلالها القاتمة على دولة الإسلام بالأندلس، ومن أهم سمات هذا العصر:

1- استقلال الكثير من الولايات خاصة الشمالية والجنوبية عن سلطة الحكومة المركزية في قرطبة.

2- عودة النعرة القبلية للظهور مرة أخرى خاصة بين العرب والبربر بعد أن خفت أيام الداخل وخلفائه، واستقل البربر بمدن وكور أندلسية كبيرة خاصة في الجنوب.

3- اشتعال ثورة المستعربين وهم أبناء الأسبان الذين لحقهم تغيير كبير بعد أن انتشر الإسلام واللغة العربية بينهم وخالطوا العرب والبربر، فنشأ جيل مشترك في الدم والنسب، وهؤلاء عُرفوا بالمولدين. أما من لم يعتنق الإسلام وبقي على نصرانيته أو يهوديته ولكنه تعلم العربية وأخذ بأسلوب العرب في الحياة فهؤلاء عُرفوا بالمستعربين، وهؤلاء سيكونون خنجرًا ماضيًا في ظهر الأندلس، وطابورًا خامسًا لأعداء الدولة عبر العصور.

رابعًا: عصر الدولة الأموية الثالث (300هـ- 368هـ):
وهو العصر الذي يطلق عليه عصر إعلان الخلافة الإسلامية الأموية في الأندلس، وقد حكمه رجلان فقط هما: عبد الرحمن الناصر وولده الحكم المستنصر، وفيه عادت القوة والازدهار للأندلس بعد أن تضعضعت مكانته بفعل الثورات المتكررة، كما عادت الوحدة لدولة الإسلام التي تمزقت تحت أطماع ولاة الأقاليم من العرب والبربر، وفيه أعلن عبد الرحمن الناصر عن قيام الخلافة، وكان حكام الأندلس من قبله يلقّبون بالأمراء ويتجنبون وصف الخلافة لأسباب شرعية، وكان للناصر مبرراته لهذا الوصف. وكان التقدم والازدهار والتوسع العمراني وانتشار مجالس العلم، وكذلك القوة الخارجية والداخلية هي سمة هذا العصر اللامع.

خامسًا: عصر الحاجب المنصور (368هـ- 399هـ):
وهو أزهر عصور الأندلس على الإطلاق، وهو العصر الذي يطلق عليه عصر سيطرة الوزراء، وفيه أصبح الحاجب المنصور بن أبي عامر هو الحاكم الفعلي للبلاد والخليفة هشام المؤيد مجرَّد صورة؛ إذ تولى الخلافة وهو صبي في العاشرة بعد وفاة أبيه "الحكم المستنصر"، وكان المنصور -بحق- هو أعظم وأقوى من حكم الأندلس ولم يبلغه في ذلك ولا حتى عبد الرحمن الداخل، وذلك كله برسم الوزارة، وكان الجهاد في سبيل الله عز وجل هو السمة الغالبة على هذا العصر؛ إذ قام المنصور بغزو إسبانيا النصرانية بخمسين غزوة، لم يُهزم فيها مرة واحدة، وفتح شانت ياقب كعبة إسبانيا النصرانية، وفتح برشلونة، وأحكم قبضته على الأندلس كلها لأوَّل مرة منذ الفتح..

وتصدى المنصور للمؤامرات الكثيرة التي حيكت ضده، ثم مات سنة 392هـ فخلفه ابنه عبد الملك، فسار على نهج أبيه حتى سنة 399هـ، وبعدها دخلت الأندلس النفق المظلم الطويل.

سادسًا: عصر الفوضى وسقوط الخلافة الأموية (399هـ- 422هـ): 
وخلال هذا العصر تعاقب على حكم الأندلس العديد من الخلفاء الضعفاء يزيد عددهم على عدد من تولوا طيلة القرون الثلاثة السابقة، وضاعت هيبة الدولة الأموية، وظهرت فكرة الاستعانة بنصارى الشمال في الاقتتال على الملك، وقويت شوكة البربر واستقلوا بالعدد من ولايات الأندلس خاصة في الجنوب، بل قامت لهم دولة قوية عُرفت باسم دولة بني حمود.

وكانت أهم سمة لهذا العصر هي عودة العصبية القبلية المقيتة بين العرب والبربر، وظهر لاعب جديد في سير الأحداث وهم الصقالبة الذين استكثر الحاجب المنصور من استعمالهم؛ ليعادل بهم نفوذ العرب والبربر، وقد استقل هؤلاء الصقالبة بحكم جزائر الأندلس الشرقية.

سابعًا: عصر ملوك الطوائف (422هـ- 483هـ):
وهو العصر المشئوم، الذي تمزقت فيه دولة الإسلام في الأندلس لدويلات صغيرة أغلبها ضعيف، يحكم هذه الدويلات كل طامع وطامح ومستقوٍ بأسرة أو عشيرة أو عصبية، وقد بلغ تعداد هذه الدويلات اثنتين وعشرين دويلة، فالبربر في الجنوب، والصقالبة بالشرق، وأما البقيَّة الباقية فقد ذهبت إلى أيدي محدثي النعم أو بعض الأسر القديمة.

سمات عصر ملوك الطوائف
أما عن أهم سمات عصر ملوك الطوائف المشئوم فهي: 
1- انتشار المفاسد والانحراف الأخلاقي في طبقة ملوك الطوائف، وانعكاس ذلك سلبًا على الرعايا؛ حيث انتشرت هذه المفاسد بين المسلمين، وعمت النعومة والرفاهية بين المسلمين؛ مما أورثهم ضعفًا وجبنًا وغفلة عما يحيكه نصارى الشمال.

2- اندلاع حروب داخلية مدمرة بين ملوك الطوائف؛ وذلك من أجل توسيع رقعة كل دويلة على حساب الأخرى، واقتتل المسلمون فيما بينهم بصورة واسعة، واستعان كل فريق متحارب مع جاره المسلم بنصارى الشمال، وكان رذيلة الاستعانة بالكفار على المسلمين من أسوأ سمات هذا العهد المشئوم؛ مما أدى لضياع عقيدة الولاء والبراء عند مسلمي هذا العهد إلاّ من رحم الله عز وجل.

3- تنامي قوة نصارى الشمال وتوحد رايتهم تحت قيادة رجل شديد البأس هو ألفونسو السادس الذي حقق نصرًا كبيرًا ومعنويًّا على مسلمي الأندلس، عندما استولى على مدينة طليطلة العريقة سنة 476هـ وهي عاصمة إسبانيا القديمة، ودشَّن بذلك حرب الاسترداد المشهورة، والتي استمرت رحاها تدور حتى سقوط الأندلس.

4- تنامي الشعور بالقومية الأندلسية عند أهل الأندلس، ورغبتهم في الاستقلال تحت قومية خاصة بهم، بعيدًا عن أي ارتباط مع العالم الإسلامي.

ثامنًا: عصر المرابطين (484هـ- 539هـ):
وهو العصر الذي استردت فيه دولة الإسلام في الأندلس شيئًا من قوتها، وذلك بعد استنجاد ملوك الطوائف بالدولة المرابطية التي تحكم الشمال الإفريقي حتى قلب الصحراء الكبرى وتمر بها، وعاهلها الأمير يوسف بن تاشفين الذي استجاب لصريخ مسلمي الأندلس، فعبر بجيوشه الجرَّارة البحر وانتصر على صليبيي إسبانيا في الزلاقة سنة 479هـ، وردع النصارى وقمع خطرهم، ثم عاد إلى المغرب.

ثم ما لبث أن عاد بعد أن استغاث به أهل الأندلس للقضاء على حكم ملوك الطوائف، وأيَّده العلماء والفقهاء في وجوب ذلك، وبالفعل أسقط حكم ملوك الطوائف سنة 484هـ.

كان المرابطون يتميزون بخشونة العيش وبساطة الحياة، فلقد كانوا على فطرتهم البدوية وحياة الصحراء؛ مما حدا بقلة من وجهاء الأندلس الذين اعتادوا حياة الترف والدعة لأنْ يتذمروا على حكم المرابطين.

ولم يطل عهد المرابطين بسبب الثورة الجامحة التي قام بها أتباع مدعي المهدية ابن تومرت الملقبين بالموحدين في بلاد المغرب، والذين شنوا حربًا ضارية ضد المرابطين منذ سنة 515هـ، حتى أسقطوهم سنة 539هـ.

تاسعًا: عصر الموحدين (539هـ- 630هـ):
والموحدون هم أتباع مدعي المهدية محمد بن تومرت، وهم الذين حاربوا المرابطين لأكثر من 25 سنة حتى أسقطوا دولتهم العريقة سنة 539هـ، وورثوا مملكتهم الواسعة التي تشمل بلاد المغرب والأندلس، وكانوا يجبرون الناس على اتباع عقيدتهم التي هي خليط من الاعتزال والتجهم والتعطيل والأشعرية، ولكنهم ساروا على نهج المرابطين في محاربة الممالك الإسبانية، وحققوا عليهم انتصارات كبيرة، أهمها نصر معركة الأرك سنة 591هـ، وكان يماثل نصر الزلاقة وأقليش وإفراغة..

ولكن عاد الصليبيون وحققوا انتصارًا ساحقًا على الموحدين في معركة العقاب سنة 609هـ، هددوا به قوة الموحدين، وعجّلوا بسقوط دولتهم. وكانت ثورات الأندلسيين المتتالية على حكم الموحدين هي سمة هذا العصر، ولعلّ فساد عقيدة هذه الدولة كان السبب الرئيسي لسقوط هذه الدولة.

عاشرًا: عصر ملوك بني الأحمر في غرناطة (630هـ- 897هـ):
والذي يبدأ بعد سقوط دولة الموحدين في المغرب والأندلس، حيث انفرط عقد دولة الإسلام في الأندلس، وأصبحت كل ولاية مستقلة عن باقي الولايات؛ مما سهَّل مهمة نصارى إسبانيا في الاستيلاء على معظم مدن الأندلس الكبرى، فقد سقطت بلنسية وقرطبة ومرسية وإشبيلية خلال فترة وجيزة؛ مما أدى لأن ينحاز معظم مسلمي الأندلس إلى مملكة غرناطة في جنوب الأندلس، والتي أسسها محمد بن يوسف النصري الملقب بابن الأحمر، والتي ظل بنوه ونسله يحكمونها حتى السقوط المروع سنة 897هـ.

والعجيب أن غرناطة بقت وحدها صامدة في وجه أعدائها، وذلك لانحياز خلاصة المسلمين إليها وهم موتورون حانقون على الصليبيين، وكانوا أهل فلاحة وتجارة وصناعة، فقويت بهم مملكة غرناطة.

ومما ساعد على بقاء غرناطة لفترة طويلة مساعدة بني مرين أمراء المغرب، الذين كانوا يمدون غرناطة بالجنود والسلاح لمواجهة تحديات الأسبان، وقد وصلت غرناطة لأوج قوتها ومجدها في عهد محمد الخامس من بني الأحمر سنة 763هـ.

ثم أخذ الترف والدعة والاقتتال الداخلي وانتشار المفاسد يسري في جسد هذه المملكة، وفي نفس الوقت تتحد كل الممالك الإسبانية تحت راية فريناند وإيزابيلا ضد آخر وجود للإسلام في غرناطة، وفي المقابل وصل الصراع الداخلي بين أمراء بني الأحمر إلى ذروته، خاصة بين مولاي علي أبو الحسن وولده أبي عبد الله.

وابتداءً من سنة 895هـ شنَّ الأسبان حربًا متواصلة لا هوادة فيها، انتهت بسقوط غرناطة وتوقيع وثيقة الاستسلام والسقوط في 21 محرم سنة 897هـ، لتبدأ بعد ذلك فصول مأساة هي الأفظع والأبشع في تاريخ أوربا، حيث قُتل عدة ملايين من المسلمين تحت وطأة التعذيب في محاكم التفتيش، وأُجبر الباقون على التنصُّر، وطويت صفحة أعرق دول الإسلام في التاريخ الإسلامي كله.

الأحد، 28 يوليو 2013

الباب السري: موقع يأخذك لأماكن جديدة لم تشاهدها من قبل!

تدهشنا جوجل بإنتاجاتها وإبداعاتها الدائمة، فكل عام تطل علينا بجديد التكنولوجيا التي تضيف لنا الكثير، وتفاجئنا بكيفية استغلال ابتكاراتها وتحديثاتها بشكل يغير حياتنا للأفضل..
اليوم سنستعرض معاً موقع الباب السري أو Secret Door  والذي يستخدم الخاصية الجديدة في تقنية جوجل للتجول في الشوارع Google Street View ليفاجئك برحلة لأماكن بعيدة في كل مرة تطرق فيها الباب! فتارةً تجد نفسك في متحف، وتارةً أخرى في محل ألعاب وثالثة في مبنى مهدم!
الموقع تستضيفه شركة safe style البريطانية للنوافذ والأبواب، وهو يأخذك في رحلة ممتعة لأماكن لم تشاهدها من قبل. فعندما تفتح الموقع للمرة الأولى تجد أمامك صورة لباب بتصميم قديم ينتظرك لتقوم بطرقه مع موسيقى غامضة في الخلفية، وعندما تطرقه ستظهر يد لتفتحه وتجد نفسك في مكان بعيد
يمكنك التجول داخل المكان عن طريق تتبع الأسهم على الشاشة، كما يمكنك أن تقوم بتقريب أو إبعاد المشاهد
أما إذا أردت تغيير المكان فيمكنك الطرق على الباب مرة أخرى من أعلى يسار الصفحة لتجد نفسك في مكان آخر، وتتم كتابة اسم المكان على أعلى يسار الشاشة











فكرة جديدة ومبتكرة وتقتل الملل وتعرفك على أماكن جديدة لم تكن ستشاهدها أبداً!
لزيارة الموقع: Secret Door

الرسم بالضوء: صور رائعة لرسومات بتقنية التصوير بالتعريض الطويل .. !!

الرسم بالضوء من الفنون التي أبهرنا فيها روادها برسومات جميلة وأفكار غريبة.الفنان دارين بيرسون تميز برسومات خارجة عن المألوف ومثيرة للإعجاب.دارين البالغ من العمر 30 عاما من مدينة لوس انجلوس، استخدم فقط المصابيح الإعتيادية.يتم التصوير بالتعريض الطويل بأن تجعل سرعة الغالق أطول فتبقى العدسة مكشوفة وتصل كمية أكبر من الضوء للحساس ومعه كل ما يجري من أحداث وتحركات في تلك الفترة.لنلقي نظرة على المزيد من جهوده الرائعة والسحرية للكتابة على الجدران الخفية:














لمعرفة الطريقة التي يتم بها التصوير بالتعريض الطويل يمكنك زيارة موقع المصور دارين هنا.

الدول الأكثر سعادة حول العالم

السعادة كنز ثمين لا يأتي عن طريق الصدفة، ولكن من خلال العمل الجاد والتغلب على الصعاب، كما فعلت تلك الدول.


ربما تقاس السعادة بحسب الحالة المزاجية التي تعيشها، ولكن على ما يبدو أن الأمر عام، فهناك دول كاملة أكثر سعادة من غيرها وفقاً للإحصائيات الخاصة بعدد الأشخاص العاملين ونسبة البطالة ومستوى الجهل والكثير من التفاصيل الأخرى التي نتعرف عليها سوياً.

تتمتع كندا بمميزات فريدة تجعلها ضمن قائمة أكثر الدول سعادة في العالم، حيث تصل نسبة الأصحاء إلى 88 %، ويصل معدل العمل إلى 72%، بينما تصل نسبة الحاصلين على شهادات جامعية موثقة 88%، ويبلغ متوسط عمر الفرد هناك 80 عاماً.

الدولة التي تقع في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، تصل نسبة القوة العاملة فيها إلى 72%، أما عدد الأشخاص الأصحاء فيصل إلى 85% بالإضافة لوجود دخل شهري قابل للصرف يتخطى حاجز الـ26 ألف دولار، أما متوسط الأعمار فهو 81 عاماً.



دولة تقع في شمال قارة أوروبا ويصل معدل العمالة فيها إلى 68%، ونسبة الأصحاء 68% بينما يوجد دخل شهري قابل للصرف بمقدار 24 ألف دولار، وعدد ضخم من الحاصلين على الشهادات العلمية الرفيعة تصل نسبتهم إلى 82%، أما متوسط الأعمار فهو 80 عاماً.

4


جمهورية فيدرالية تتكون من 26 مقاطعة، تصل نسبة العمالة فيها إلى 79% وعدد الأشخاص الأصحاء 87%، أما متوسط الدخل الشهري فهو 27 ألف دولار، و87% حاصلين على شهادات علمية، أما متوسط الأعمار فيصل إلى 82 عاماً.

5


تصل نسبة رضا السكان عن مجهودات الحكومة إلى 75%، حيث يوجد أكثر من 77% من تعداد السكان يتمتعون بحالة صحية ممتازة، ويتساوى هذا الرقم مع نسبة الأيدي العاملة، متوسط الدخل الشهري في هولندا يتخطى حاجز الـ25 ألف دولار، بينما تصل نسبة التحصيل العلمي إلى 73%، مقابل 80 عاماً كمتوسط عمر الفرد.

6


البلد الثانية في قائمة أكثر الدول سعادة حول العالم، فهناك 75% من تعداد السكان لديهم وظائف ثابتة، بينما يتمتع 80% من الشعب بحالة صحية ممتازة، على مستوى التعليم تصل نسبة التحصيل العلمي إلى 81%، بينما يبلغ متوسط عمر الفرد هناك 81 عاماً.

7


أكثر البلدان سعادة في العالم، لماذا؟ لأن الدنمارك تضمن وظائف لـ71% من مواطنيها، بينما يتمتع 71% من الشعب بحالة صحية ممتازة وتصل درجة التحصيل العلمي هناك إلى 76%، بينما يصل متوسط عمر الفرد 79 عاماً.



إختراعات قدمها الإسلام للبشرية

قدمت الحضارة الإسلامية للعالم العديد من الاختراعات والابتكارات التي كانت ولا تزال ذات فائدة كبيرة.



رغم إن العالم الإسلامي يعيش الآن في فترة عصيبة من التاريخ، حيث يشهد تراجعاً كبيراً في شتى المجالات، إلا أنه كانت له ريادة كبيرة، وإلى أن تعود، دعونا نعرف كيف كان هذا.

1) القهوة
 المشروب الأشهر في العالم، اكتُشف أولاً في اليمن العربي في القرن التاسع الميلادي، وكان يساعد الصوفيين على الاستذكار والتعبد طوال الليل، ودخل أوروبا والغرب عن طريق تجار البندقية.

2) الشطرنج
ظهر أول مرة في الهند ولكن شكلها النهائي الذي نراه اليوم طوره مسلمو الفرس، ثم انتشرت بعد ذلك اللعبة في باقي الدول الغربية وكانت تعتبر محط اهتمام القادة العسكريين.

3) الجراحة
كان أول من طور العمليات الجراحية هو الطبيب الأندلسي المسلم "أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي"، ووضع موسوعة تتشكل من 1500 ورقة استخدمت كمرجع لأطباء العالم لمدة 500 عام، كما أنه طور العديد من أدوات الجراحة.

4) أسلوب الدفع بالشيك
كان المسلمون هم أول الناس وراء أسلوب الدفع هذا، فقد ابتكروا وسيلة لدفع الأموال بكتابة إقرار بالمبلغ الذي يجب دفعه، وذلك تجنباً لحمل مبالغ كبيرة في المناطق الخطيرة والتي قد تتعرض فيها القوافل للسرقة.

5) المدافع
رغم إن الصين كانت أول من اخترع البارود واستخدمته في ألعابها النارية، إلا أن المسلمين هم أول من استخدموا البارود كسلاح عسكري واستطاعوا أن يحولوه إلى وسيلة لإطلاق النيران على الأعداء، ودحروا بهذه المدافع الحملات الصليبية.

6) الطاحونة
المسلمون في المنطقة العربية وبلاد الفرس هم أول من ابتكر الطاحونة واستخدموها في الذرة وجلب مياه الري، وظهرت في أوروبا بعد 500 سنة من ظهورها في العالم الإسلامي.

7) الدروع
فكرة الدرع المضاد للرصاص ظهرت أول مرة في العالم الإسلامي، حيث استخدمت الجيوش الإسلامية دروعاً من الحديد ارتدتها لتقيها من ضربات السيوف، وتعرف الأوروبيون على هذه الدروع عن طريق الحملات الصليبية.

8) الطيران
أول من ألهم العالم بقدرة الإنسان على الطيران هو العالم المسلم "عباس ابن فرناس"، وقد ابتكر آلة للطيران وحاول استخدامها بالقفز من فوق منارة أحد مساجد مدينة "قرطبة" ولكنه سقط أرضاً ليموت، ولكن فكرته خلدت إلى أن تحققت في العالم الغربي.

9) الشامبو
اهتم المسلمون بالنظافة الشخصية ويعتبروا أحد أهم مبتكري الصابون، ولكنهم هم أول من ابتكر فكرة الشامبو، حيث تمكنوا من خلط زيوت النباتات مع الصوديوم هايدروكسايد وبعض العطور ليصنعوا الشامبو المتعارف عليه اليوم.

10) المستشفيات
حاكم مصر "أحمد بن طولون" كان أول من قدم للعالم فكرة المستشفيات، حيث شيد مشافي مجاناً في القاهرة.

6 تطبيقات آندرويد تستقبل بها رمضان

للاستفادة من هاتفك الذكي في التقرب إلى الله، خاصة في الشهر الكريم، فهذه التطبيقات في انتظارك.


إذا كنت تبحث عن الاستفادة من وقتك بالطريقة المثلى في شهر رمضان عن طريق الصلاة والأدعية والأذكار، فقد أحضرنا لك باقة متنوعة من التطبيقات التي تساعدك في مبتغاك.

 

1) مسائل الصيام

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.appbuilder.u65655p176220&feature=search_result

تطبيق مهم للاستفسار والتساؤلات الخاصة بالشهر الكريم والصوم والصلاة والذكاء، وكل الأمور التي تحتاج إلى إجابة شاملة وسريعة بخصوص رمضان ومناسكه.

 

2) iRamadan دليل المسلم في رمضان

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.iRamadan&feature=search_result

يتضمن البرنامج ميزة تحديد اتجاه القبلة لإقامة الصلاة بشكل صحيح حتى في الأماكن التي تتواجد بها لأول مرة، يتضمن أيضاً مواقيت الصلاة ووقت الإمساك والإفطار، ومجموعة من التفسيرات القرآنية.

 

3) أدعية رمضانية

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.ijazza.offline.ad3yeh.ramadan&feature=search_result

تطبيق مهم لكل من يرغب في معرفة كم كبير من الأدعية والأذكار الخاصة بالصلوات الخمسة وأوقات الإفطار والإمساك وقيام الليل.

 

4) إمساكية رمضان

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.emsakeya.ramadan&feature=search_result

تطبيق مهم لمعرفة أوقات الصلاة، ووقت الإفطار، ووقت السحور والإمساك، كما يوفر البرنامج ميزة الاستماع إلى الآذان بأصوات مختلفة.

 

5) صور إسلامية

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.hamid.ramadhan1&feature=search_result#?t=W251bGwsMSwxLDEsImNvbS5oYW1pZC5yYW1hZGhhbjEiXQ..

تطبيق يوفر لك مجموعة من الصور والخلفيات الإسلامية المميزة لهاتفك مثل صور المساجد وزينة رمضان، والآيات القرآنية وغيرها الكثير.

 

6) رسائل رمضان

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.ababneh.ramadanquotes&feature=search_result#?t=W251bGwsMSwxLDEsImNvbS5hYmFibmVoLnJhbWFkYW5xdW90ZXMiXQ..

برنامج مميز يحتوي على باقة ضخمة من الرسائل الكتابية المسجلة لتهنئة الأهل والأصدقاء بحلول الشهر الكريم.